جوكير النادي الرياضي الصفاقسي عباس عباس في ذمة الله
ترجّل الفارس القادم أواخر السبعينات من القرن الماضي من مدينة الشعر توزر نحو مدرسة الفن الكروي الأصيل النادي الرياضي الصفاقسي عن جواده بعد ان طوى 6 عقود ( 60 سنة ) بلا زيادة ... ترجّل قلب الأسد عباس عباس وهو من مواليد 17 سبتمبر 1956 ... ترجّل جوكير الأبيض والأسود الذي ظل على امتداد قرابة العقد من الزمن رمزا من رموز فريق عاصمة الجنوب وابنا بارا له أعطى من جهده وعرقه وإخلاصه وتفانيه ما لم يعطه له بعض من تربى في نادي عاصمة الجنوب منذ الصغر.
ترجّل عباس عباس حبيب عشاق النادي الرياضي الصفاقسي والذين طالما تغنوا باسمه وطالما رفعوه على الأعناق بعد أن أنهكه مرض القلب ... رحل عباس عباس في حدود الساعة الثانية والنصف من بعد منتصف الليلة الفاصلة بين الاثنين 1 والثلاثاء 2 فيفري وهو بمنزله بتوزر بعد أن ضعف قلبه ولم يعد قادرا على الصمود والنبض السليم وهو الذي اشتكى وعانى من مرض القلب منذ سنوات وأجرى عملية جراحية أيضا .حينها
رحل اللاعب الكبير والصديق العزيز والرجل الشهم عباس عباس بعد مسيرة كروية ناجحة قلما حقق أمثالها لاعبون آخرون وهو الذي جاء إلى النادي الصفاقسي سنة 1979 قادما من جريدة توزر منتميا إلى مدرسة الأبيض والأسود العريقة زمن اللاعبين الكبار ومنهم ساحر الأجيال على الدوام حمادي العقربي وعبد الواحد بن عبد الله وعبد الرزاق السوداني والمختار دويب والمرحومين الياس بن صالح وعبد الوهاب بن غازي ورضا للجمي ومحمد السوداني والناصر حريز ونعمان علولو ومنجي عبد المولى وعبد القادر دربال وسمير العذار ولطفي كمون والحبيب المذيوب وصلاح العيادي ثم التحق بهم لأخذ المشعل اللاعبون الشبان الصاعدون أمثال محمد السوداني والحبيب التونسي وشكري الطرابلسي وجلال الهوش وفؤاد الدرقاع وغيرهم كثير .
خلال مشواره الطويل والممتع مع النادي الرياضي الصفاقسي كان عباس عباس رحمه الله تعالى نعم الرجل ونعم اللاعب فهو كان كرويا لاعبا مميزا يكفيه فخرا انه نجح وهو القادم من جريدة توزر أن يشق له طريقا بنجاح بين كبار لاعبي الفريق حينها ويسجل عديد الأهداف ويرفع الألقاب ومنها لقب البطولة موسم 1980 – 1981 مع المدرب الألماني ميشال بفايفر على حساب النادي الإفريقي في الجولة الأخيرة رغم أن الإفريقي كان يكفيه حينها التعادل لرفع لقب البطولة وهذه المقابلة لم يلعب فيها عباس عباس سوى 5 دقائق قبل أن يقوم الحكم المغربي بإقصائه عن الميدان واضطر الأبيض والأسود إلى إكمال 85 دقيقة بعشرة لاعبين حسموا اللقاء وكسبوا الرهان وأعادوا إلى عباس فرحة أول لقب له مع فريقه الجديد ثم حصل عباس على اللقب الثاني له مع الفريق وهو بطولة موسم 1983 – 1984 مع المدرب اليوغسلافي بوبوف كما حرمه الحكم رشيد بن خديجة من رفع كاس تونس 1984 على حساب مستقبل المرسى في الدور النهائي لما رفض بن خديجة احتساب هدف شرعي للسي اس اس وفاز حينها فرق الضاحية الشمالية بفضل ركلات الترجيح.
عباس لعب على امتداد سنوات مضيئة في تاريخ نادي عاصمة الجنوب فاقنع وأبدع وأمتع ... لعب في خط الهجوم ... ولعب في خط الوسط ... ولعب في مختلف مراكز خط الدفاع ولعب أيضا حتى كحارس مرمى، وقد تألق الراحل في كل الخطط التي شغلها وهو ما بوأه مكانة كبيرة لا ولن تمحى من ذاكرة عشاق الأبيض والأسود .
عباس عباس بقدر ما كان أداؤه رفيعا فانه كان أيضا مثالا للاعب المتخلق الكبير ومدرسة في الأخلاق الأصيلة والمعدن الرفيع ... وبمثل حبه للنادي الصفاقسي ولصفاقس فان عاصمة الجنوب احتضنته وهو القادم من توزر كما تحتضن الأم أبناءها ولم تبخل عليه بالنجومية ولا بالوظيفة في إحدى المؤسسات البنكية والتي أصبح فيها من الإطارات بفعل جديته واجتهاده وأخلاقه .... عباس عباس هذا اللاعب الاستثنائي اهدى ابنيه التوأمين هاشم وأمين عباس إلى النادي الصفاقسي ولعبا فيه لعدة سنوات وكان يواكب بين الفينة والأخرى تمارين أو بعض مقابلات النادي الرياضي الصفاقسي رغم مرضه بالقلب، والذي فرض عليه الخضوع إلى جراحة وفترة نقاهة وقد تحمل قلبه الكبير الكثير من الألم قبل أن يتوقف عن العمل والنبض ما بعد منتصف الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء بساعتين ونصف رحمه الله تعالى وهو بمنزله في توزر.
وبغد انتشار الخبر المؤلم الحزين كان الحزن شديدا لدى كل عائلة الأبيض والأسود ولدى رفاق الدرب والذين تحول عدد منهم صباح الثلاثاء في حافلة الى توزر للقيام بواجب التعزية وللوقوف الى جانب عائلة عباس في محنتها الكبيرة وقد تم تشييع جثمان فقيد الكرة التونسية وهو الذي حمل زي المنتخب مباشرة بعد صلاة العصر الى مقبرة الشرفة بتوزر بحضور الأهل والأحبة .
رحل عباس عباس عن الدنيا بجسده الذي خذله مرض القلب ولكن ذكراه ستبقى عالقة بقلوب كل من عرفوه وعاشروه ولعبوا معه وتعاملوا معه لانه كان مثالا في الرجولة والشهامة والعطاء والتواضع ... عرفت عباس عباس منذ التحقه بالنادي الرياضي الصفاقسي اواخر سبعينات القرن الماضي وانا صغير وبقيت صداقتنا قائمة الى حين رحيله عن الدنيا ...
رحمه الله رحمة واسعة ورزق اهله وذويه والكرة التونسية جميل الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون
فتحي بوجناح